عندما يهل هلال رمضان معلن عن قدوم شهر الصيام.. تجد الأحوال تغيرات, والطباع تبدلت والقلوب تألفت.. وكأن الناس ليس هم الناس.. فيترفع الإيمان.
وتتنزل البركات والرحمات, وتعم الخيرات, وتصل الأرحام, وتزداد المودة والرحمة بين الناس.. فماذا حدث.. وكيف يغير رمضان النفوس, ويوحد القلوب, ويقوي الروابط الاجتماعية في المجتمع.. يقول الدكتور أحمد ندا مدرس أصول اللغة بجامعة الأزهر بالمنوفية: شهر رمضان فرصة عظيمة لتقوية الروابط الاجتماعية بين المسلمين, ففي هذا الشهر الكريم تصفو القلوب وترق النفوس وتكون أقرب للصلح والعفو عن المسيء إذا كان هناك خصام أو هجران بين ذوي الأرحام أو الجيران في السكن أو العمل, ولهذا نجد مجالس الصلح تكثر في هذا الشهر المبارك, حيث ترتفع الإيمانيات وينزل الله تعالي علي عباده بالرحمات والبركات, ويشعر المؤمنون بذلك فيسارعون بالرجوع إلي إخوانهم المسلمين من الأقارب أو الجيران.
ولقد حذرنا الله عز وجل من القطيعة والهجر وإفساد ذات البين, وبينت لنا الشريعة الغراء خطر ذلك علي الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة, ويحذرنا النبي صلي الله عليه وسلم من قطع الأرحام والجيران وغيرهم من أصحاب الحقوق علينا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(( الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله!!)).. ويجب علي كل مسلم أن يبادر بترك القطيعة والهجر فإن في ذلك سلامة دينه وقلبه ونفسه وطريق المغفرة.. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(( تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس, فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا, إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء, فيقال: أنظروا هذين حتي يصطلحا, أنظروا هذين حتي يصطلحا, أنظروا هذين حتي يصطلحا).
ويضيف: من بركات شهر الصيام أنه شهر الجود والكرم فيكثر فيه الإطعام وتفطير الصوام لما فيه من الأجر العظيم حيث يقول النبي صلي الله عليه وسلم في أجر ذلك:( من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا),.. وإطعام الطعام من أكثر الأعمال التي تعين علي تقوية الروابط الاجتماعية بين المسلمين حيث يتكافل الأغنياء مع الفقراء وينتشر الحب وترفع الضغينة بين الناس فتصفو النفوس وتطمئن القلوب.. كما تجتمع العائلات ويرجع الغائبون والمسافرون غالبا في رمضان فيفطرون مع بعضهم في وقت واحد فتتآلف القلوب وتتحاب النفوس وتصفو العواطف والمشاعر من الرواسب وبقايا الخلاف, وما أجمل تلك اللحظات المباركة!! حيث يشعر فيها المؤمن بالرحمة والبركة والمحبة والأخوة والأمان!! فصلة الرحم والشعور بمودة القريب والجار لا يعادله شيء في عواطف الإنسان, وهذا يفسر مكانة بر وصلة الرحم والأقارب والجيران في الإسلام, حيث جعلته الشريعة الغراء من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد المسلم إلي الله تعالي, وفي ذلك أكبر العون للمجتمع الإسلامي علي الترابط والوحدة والتعاون والتحاب ونبذ الفرقة والعزلة وطرد الحقد والضغائن التي تفسد العلاقات الإنسانية بين المجتمع وتفسد حياتهم, ومن ثم لا يكون للشيطان عليهم سبيل أو سيطرة أو استحواذ فيعيش هذا المجتمع مطمئنا سعيدا مباركا تعلوه روح المودة والإخاء.
وأوضح أن من الأسباب المعينة علي الترابط بين المجتمع الإسلامي في رمضان اجتماع المسلمين في المساجد لأداء الصلوات المفروضة والمسنونة والمستحبة كالصلوات الخمس وصلاة التراويح, أو لقراءة القرآن الكريم فرادي أو في حلقات, أو لحضور دروس العلم, كل ذلك يقرب بين الناس ويؤلف بينهم ببركة شهر رمضان.