دق إعصار «قونو» أجراس الخطر، أمام أحد خبراء استراتيجيات التخطيط العمراني، الذي رأى ضرورة العمل على إنشاء جهة مختصة في تقييم ودراسة الكوارث البيئية قبل البدء بتشييد المباني الشاهقة، تحسباً لأي كارثة قد تحدث. ويأتي هذا التحذير جراء انجلاء أزمة إعصار «قونو» أخيرا، بعد أن غمرت المياه الطرقات والمناطق السكنية وخلفت العديد من الضحايا البشرية في سلطنة عُمان، القريبة من سواحل المنطقة الشرقية السعودية.
إذ قال المهندس فيصل الفضل، خبير استراتيجيات التخطيط وعضو هيئة المهندسين السعوديين، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن الحاجة أمّ الاختراع، بالتالي وضحت أهمية وجود جهة أو منظمة مختصة بدراسة الكوارث البيئية بدقة عالية، شرط أن تكون جهة غير ربحية، ومرتبطة بإمارات المناطق، ثم بالأقاليم، ثم بالمنظمات العالمية المعنية بهذا الشأن.
واقترح أن تعمل هذه الجهة بمعزل عن أي مؤسسة حكومية أو علمية، بهدف القيام بالدراسات المتعلقة بالزلازل وعلوم البحار والتربة، لتقييم الموقع وإعداد الاحترازات البيئية اللازمة قبل البدء بتشييد المباني الشاهقة والمنتجعات الساحلية، وفق الظروف المتاحة.
يشار إلى أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في السعودية، أصدرت بيانات تطمينية لخلو أجواء السعودية من التأثر بإعصار «قونو»، إلا أنها حذرت الصيادين ومرتادي الشواطئ في المنطقة الشرقية من ارتياد البحر في تلك الفترة، تحسبا لأي طارئ، وبينت أن الإعصار قد تحول إلى عاصفة رعدية تقليدية تتحرك في الاتجاه الشمالي الشرقي لمضيق هرمز في اتجاه سواحل إيران محملة بأمطار غزيرة، وستستمر الرياح النشطة، التي تصل سرعتها إلى نحو 50 كيلومترا في الساعة.
وفي ذات السياق، يرى الفضل ضرورة إلزام ملاّك الأبراج السكنية والمباني المرتفعة بتقديم دراسات دقيقة تُعنى بقياس درجة دفع الهواء قبل الشروع ببنائها، على أن تكون موثقة ومعترفا بها من جهة متخصصة عالمياً. فيما أشار إلى أنه من المفترض بالمباني المشيدة على خط البحر، أن تكون على مستوى 100 سنة، وتعمل لها متابعة بيئية فائقة بصورة دورية، وفق مراعاة عاملي الهواء ومستوى الارتفاع عن سطح البحر.
من جهته، اوضح العميد مهندس عادل الزمزمي مدير الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة والمتخصص في هندسة السلامة، انه بالإضافة إلى متطلبات الإطفاء والسلامة العامة التي يتم اشتراطها في المباني يضاف لها في المباني الشاهقة ما يخص مقاومة المباني للرياح الشديدة، وهذا يكون من ضمن تصميم المبنى إنشائيا بحيث يتحمل سرعة الرياح العالية التي تفوق السرعة العادية مثل الأعاصير.
وأضاف الزمزمي ان نظام كود البناء السعودي يحدد من ضمن الشروط مقاومة الهزات الأرضية وتختلف نوعية الاشتراطات في هذا الاتجاه بحسب المباني وحجمها، متطرقا الى انه لوحظ في اميركا مثلا التي تعد أكثر مناطق الاعاصير كيف ان المباني المسلحة لا تتأثر فيما تتأثر المباني الخشبية.
من جانبه، تخوف خبير عمران ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ من عدم قدرة مباني شاهقة على تحمل قوة الأعاصير الأفقية، نتيجة ضعف تصميم هذه المباني في تحمل القوة الجاذبية أفقياً، مما يجعلها عرضة لمواجهة قوة هائلة تفوق طاقتها في حال هب إعصار، وكلما كانت قوة هذا الإعصار المندفعة أفقية، كانت أخطاره كبيرة، وفي اتجاه لا يقوى المبنى على تحمله.
وفي سياق متصل، قام الموقع الإلكتروني الرسمي لتلفزيون سي إن إن، ذي النسخة العربية، بإجراء استفتاء مفتوح للرأي العام، للتساؤل حول إن كان إعصار «قونو» سيضطر دول الخليج العربي على تغيير طابع الأبنية الشاهقة والجزر السكنية البحرية أم لا، حيث أجاب غالبية المشاركين فيه ـ حتى الآن ـ على ضرورة إعادة النظر في شأن هذه الأبنية تداركاً لحدوث أي أزمة بيئية مستقبلا.