لماذا كان رمضان دورة تربوية ؟
1- لأنه من خلاله تتغير حياة المسلم في جميع جوانبها، في أكله وشربه ونومه وعمله.
2- وفي هذا التغيير يتدرب المسلم على كريم الخصال وفضائل الأعمال، فتجده طيب النفس هادئ الطبع سامي الهدف كريماً عطوفاً حليماً راجياً من الله تعالى القبول.
3- يعتاد على قوة الإرادة والتحكم في النفس والالتزام بشرع الله تعالى فيما يأتي ويذر.
4- التذوق العملي للتقوى.
نتيجة الدورة الرمضانية للناجحين:
1- الحصول على (التقوى) وتطبيقها عملياً ليتعرف عليها المسلم ويطبقها في بقية أيام العمر.
2- يغفر له ما تقدم من ذنبه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) [ صحيح البخاري :ج 1 / ص 67 ]
3- الارتقاء في درجات الذاكرين والبعد عن دركات الغافلين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ.. ) [ سنن أبي داود : ج 4 / ص 170 ] .
4- الحصول على الجوائز الربانية في رمضان، وهي الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، قال صلى الله عليه وسلم: ( شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ) .قال صلى الله عليه وسلم: ( وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةً ) .
5- الفوز بقيام ليلة القدر، والتي هي خير من ألف شهر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) [ صحيح البخاري : ج 7 / ص 140 ] . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ) [ سنن النسائي : ج 7 / ص 256 ] .
6- السلامة من كيد الشيطان، حيث تصفد الشياطين في هذا الشهر الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةً ) .
7- الصحة في البدن، بسبب اعتدال الأكل، ( مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ) [ سنن الترمذي : ج 8 / ص 387 ] .
8- التخلص من العادات السيئة، كالتدخين وشرب الشيشة، حيث يتركها الصائم ما يقارب الثنتي عشرة ساعة في اليوم، فيكون من السهل عليه التخلص منها لو أنه أراد ذلك فعلاً.
النتيجة الرمضانية للراسبين:
1- خسارة التقوى.
2- التردي مع الغافلين.
3- إرغام الأنف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " عن كعب بن عجرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( احضروا المنبر ) فحضرنا فلما ارتقى درجة قال : ( آمين ) ، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال : ( آمين ) فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال : ( آمين ) ، فلما نزل قلنا : يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه قال : ( إن جبريل عليه الصلاة والسلام عرض لي فقال : بعدا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له قلت : آمين ، فلما رقيت الثانية قال : بعدا لمن ذكرت عنده فلم يصل عليك قلت : آمين ، فلما رقيت الثالثة قال : بعدا لمن أدرك أبواه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت : آمين ) [ المستدرك على الصحيحين للحاكم : ج 17 / ص 96 ] .
فحري بالمسلم وقد انضم إلى فريق المتدربين في هذه الدورة التربوية الإيمانية أن يغتنم هذه الفرصة الذهبية ليقف مع نفسه محاسباً ومصححاً لمسيرة الماضي، عاقداً العزم على السير القويم في المستقبل الآتي. ويعلنها توبة نادم ، على الخير عازم، صادق في توبته محققاً قول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ التحريم : 8 ]
فرمضان موسم من مواسم الخير ينبغي للمؤمن أن يتعرض فيه لنفحات الإيمان من الرحمن، فعَنْ مُحَمَّدِ بن مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا ) [ المعجم الكبير للطبراني : ج 14 / ص 125 ] .
فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
كيف يكون رمضان فرصة للتغيير ؟
- وجود الرفقة: في رمضان يصوم جميع أفراد المجتمع، فيتشجع الإنسان وينشط للعبادة فيصوم ويصلي التراويح والقيام ويقرأ القرآن ليسابق في مضمار الخير حتى يغتنم نفحات رمضان فيعمر الساعات والدقائق بل والثواني بطاعة الله تعالى.
- إقبال النفس: عندما يصوم المسلم تزكو نفسه وتكبح شهوته، ويتفرغ قلبه من كثير من شواغله، فيقبل على الطاعة راضياً راجياً لما عند الله تعالى.
- غياب العدو وضعفه: في رمضان تصفد الشياطين فيعود العبد إلى حقيقة نفسه دون تأثير من شياطين الجن، فتظهر حقيقته جلية في مرآة الصوم، وتتجلى تقواه طوال اليوم ليصل إلى وقت الفطر وقد ثبت له الأجر بإذن الله تعالى.
- الجوائز العظيمة: في رمضان من الحوافز الشيء الكثير، فكل طاعة فيه أجرها مضاعف لشرف الزمان وهو رمضان، مما يشجع العبد على العبادة والبذل والتنويع في مختلف أنواع الطاعات.
- كثرة أبواب الخير: فمن الصيام إلى القيام إلى تفطيرالصائمين، إلى الصدقة والإحسان للفقراء والمساكين، إلى قراءة القرآن وغير ذلك من أعمال البر والطاعات التي يقبل عليها العباد في رمضان. عن سلمان رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال : ( أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، وقيام ليله تطوعا ، من تقرب فيه بخصلة من الخير ، كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر ، والصبر ثوابه الجنة ، وشهر المواساة ، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن ، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء ) ، قالوا : ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم ، فقال : ( يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة ، أو شربة ماء ، أو مذقة لبن ، وهو شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار ، من خفف عن مملوكه غفر الله له ، وأعتقه من النار ، واستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم ، وخصلتين لا غنى بكم عنهما ، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم : فشهادة أن لا إله إلا الله ، وتستغفرونه ، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما : فتسألون الله الجنة ، وتعوذون به من النار ، ومن أشبع فيه صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ) [ صحيح ابن خزيمة : ج 7 / ص 115 ]
- التاريخ الزكي للسلف الصالح في رمضان: لقد سجل سلفنا الصالح في رمضان أروع الصفحات وأعظم الانتصارات، ففيه بدر وفتح مكة وعين جالوت وغيرها من ملاحم الإسلام البطولية، لم يثنهم صيام ولم يقعدهم جوع ولم تؤثر فيهم مشقة، بل كانوا جبالاً في الصبر واليقين حتى حققوا بعون الله النصر لهذا الدين وما زلنا نتفيأ ظلال أعمالهم التي وفقهم الله تعالى إليها حتى يومنا هذا، فحري بالمسلم أن يسير على سيرهم ويقتفي أثرهم ليدخل في قوله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ التوبة : 100 ] .
- كل هذه الأمور وغيرها تحفز المسلم للتغيير في رمضان حتى يتمنى بعد أن تزكو نفسه بالصيام ويتذوق حلاوة الإيمان أن تكون السنة كلها رمضان.
لكن هيهات فدوام الحال من المحال، لكن هي فرصة لنجعل من رمضان دورة نتدرب بها على الطاعات والخيرات لنعلم من خلالها أننا كمؤمنين قادرون على فعل الخير بعون الله، فإن ذهب رمضان فنحن نعبد رب رمضان، ورب الشهور والأعوام، رب الإنس والجان سبحانه وتعالى.