اليونسكو هى منظمة متخصصة من منظمات هيئة الأمم المتحدة اسمها بالكامل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة. وقد اتفقت الدول التي تنتمي إليها على الإسهام في إقرار السلام والأمن عن طريق التعاون في مجالات التربية والعلوم والثقافة.
تضم المنظمة حوالي 160 دولة، بما في ذلك معظم الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة. وتتولى الدول الأعضاء دفع معظم إيراداتها. تأسست منظمة اليونسكو عام 1946م. ومقرها الرئيسي باريس.
وهي تسعى لتحقيق المزيد من العدل والتعاون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية لكل الأفراد. وتقوم اليونسكو بتنفيذ برامج لتطوير هذه الأهداف بناءً على طلب أي عضو فيها. ولايتسنى تنفيذ معظم قراراتها إلا إذا قامت حكومات الدول الأعضاء باتخاذ بعض الإجراءات داخل دولها.
وتسعى المنظمة لنشر أفكارها بين شعوب العالم. وهي تؤكد على ضرورة تطوير التعليم ونوعيته وتبادل الثقافات، وزيادة الاستخدام السلمي للمعرفة العلمية. وتشجع المنظمة الفنانين والعلماء والطلاب والمعلمين على السفر والدراسة والعمل في الأقطار الأخرى. وتركز اهتمامها على استخدام العلوم الاجتماعية للمساعدة في حل مشاكل مثل التمييز العنصري والعنف. وتُشجع أيضًا على البحث العلمي في مجال استخدام الطاقة وحماية البيئة. وتتعاون مع منظمات هيئة الأمم المتحدة الأخرى لمساعدة الأقطار النامية.
وتتشاور حوالى 500 جمعية دولية خاصة تسمى المنظمات غير الحكومية مع اليونسكو، كما تساعدها على وضع الخطط وتنفيذ البرامج التى تهمها.
الدور الذي تقوم به اليونسكو
التعليم. ترى منظمة اليونسكو التعليم عنصراً مهماً من عناصر التنمية الاقتصادية والسلام، وتساعد الدول في جهودها لنشر التعليم في كل المراحل. وتتكفل المنظمة بإعداد برامج لتدريب المعلمين ودورات دراسية وتقديم بحوث عن التربية. وبدأت اليونسكو في وضع برامج لمحو الأمية. كما ترعى مكتبات مستديمة ومتنقلة.
العلوم. ترى المنظمة أن العلوم والتقنية أيضاً وسائل مهمة لتحقيق السلام والتنمية. وتعمل على تطوير التعاون العلمي الدولي، وتشجيع البحوث العلمية. وتقوم بتوزيع المعلومات العلمية، وترعى حلقات التدريب، وتُنظم المؤتمرات والندوات العلمية، وتشرف على إدارة المراكز العلمية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وقد ساعدت في إنشاء المنظمة الأوروبية للبحوث الذرية، التي تقوم ببحوث الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.
وتساهم المنظمة في تنمية المعرفة في العلوم الاجتماعية عن طريق برامج البحوث والتدريب. وتدعو إلى تطبيق العلوم الاجتماعية لحل المشاكل العملية. لذلك كان من بين اهتماماتها العلمية الاجتماعية مشاكل التمييز العنصري، والتنمية الاقتصادية، ووضع المرأة.
الثقافة. تقوم منظمة اليونسكو بتشجيع التعاون الدولي لحماية مختلف الثقافات، وتطور هذه الثقافات، وتشارك في الاهتمام بها. وتقوم بإسداء النصح والمشورة للحكومات عن كيفية المحافظة على الآثار القومية وترميمها. وتقوم برعاية المعارض والجهود الأخرى لكي تتعرف الشعوب على الأعمال الفنية والأدبية والموسيقية وتألفها. وتعمل على توسيع نطاق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية.
ويؤكد أعضاء المنظمة على ضرورة تبادل المعلومات فيما بينهم. وللمنظمة برامج في كل المجالات الكبرى المتعلقة بالإعلام الشعبى، بما في ذلك الكتب والأفلام والصحف والإذاعة والتلفاز.
الهيكل التنظيمى للمنظمة
المؤتمر العام يتكو ن من مندوبين معينين من الدول الأعضاء في المنظمة. يجتمع المؤتمر العام كل سنتين، ويضع سياسات وبرامج المنظمة، ويُصادق على الميزانية العامة، ويُصدر اللوائح الخاصة بالعاملين، ويختار المجلس التنفيذي للمنظمة، ويُعين المدير العام، ويختص بقبول الأعضاء الجدد، ويقوم بإعداد الاتفاقيات والتوصيات لتوافق عليها الدول الأعضاء. وقد اجتمع أعضاء المؤتمر العام في كثير من عواصم العالم الكبرى، ولكن معظم اجتماعاتهم تنعقد في باريس.
المجلس التنفيذي. يتكون المجلس التنفيذي من 51 عضواً يُنتخبون لمدة أربع سنوات، ويجوز إعادة انتخابهم. ويعقد المجلس دورات منتظمة مرتين كل عام على الأقل. ويشرف على الأعمال المتعلقة ببرامج اليونسكو، ويُعِدُّ جدول أعمال المؤتمر العام، ويوصي بقبول الأعضاء الجدد، ويقترح اسم من يُرشح للانتخاب مديراً عاماً.
الأمانة. تتولى الأمانة إدارة برامج اليونسكو. ويعمل بها عدد من الموظفين ينتمون إلى معظم الدول الأعضاء بالأمم المتحدة. وتضم المديرين وموظفي الخدمات العامة وطوائف متباينة من الخبراء المتخصصين. ويعمل بعض هؤلاء في المقر الرئيسي للمنظمة بينما يعمل آخرون في ميادين نشاط المنظمة.
المدير العام هو الرئيس الإداري الأعلى لكل العاملين بالمنظمة، ويُعين ويشرف على أعمال الأمانة، ويقدم تقارير منتظمة عن أنشطة اليونسكو إلى الدول الأعضاء في المنظمة والمجلس التنفيذي، كما يُقدم خطط العمل وتقديرات الميزانية للمجلس. ويُنتخب المدير العام لمدة ست سنوات، ويجوز إعادة انتخابه.
اللجان الوطنية للدول الأعضاء. تقوم اللجان الوطنية للدول الأعضاء بتقديم المشورة لحكومات بلادها. وكذلك تساعد مندوبي الدول الأعضاء الموفدين إلى المؤتمر العام. ويأتى معظم أعضاء اللجان الوطنية من الهيئات الوطنية المعنية بالتربية والعلوم والثقافة.
نبذة تاريخية
اتفقت معظم دول الحلفاء عقب الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) على إنشاء منظمة أُطلق عليها عصبة الأمم. انظر: عصبة الأمم. وقد اعترفت العصبة بأهمية تطوير التعاون الثقافي بين سائر دول العالم، ودعمت المعهد الدولي للتعاون الثقافي، وهو جمعية من الأفراد مقرها باريس. وأصبحت هذه الجمعية ومعها مكتب التعليم الدولي في جنيف بسويسرا نموذجاً حذت منظمة اليونسكو حذوه فيمابعد. وأثناء الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م) انعقد مؤتمر وزراء التعليم في دول الحلفاء بانتظام في لندن. ووقع اهتمامهم أساساً على تجديد نُظم التعليم التي ضعفت أو دُمرت أثناء الحرب.
ووقع ميثاق هيئة الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو خلال يونيو 1945م. وفي نوفمبر من ذلك العام، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة لتأسيس منظمة التربية والثقافة في لندن. وأقنع العلماء من نيط بهم وضع خطط المؤتمر، إضافة العلوم إلى العنوان المقترح للمنظمة. ووضع ممثلو 44 دولة من أعضاء المؤتمر مواد النظام الأساسي لمنظمة اليونسكو، وأعلن رسمياً في 4 نوفمبر 1946م. وفي ذلك الوقت، صادقت على هذا النظام عشرون دولة.
وبالنظر إلى تعاظم مهام منظمة اليونسكو، أضحى اتفاق أعضاء المنظمة على أولويات العمل أكثر صعوبة. وكان للأعضاء الجدد، وخاصة الدول حديثة الاستقلال، وجهات نظر جديدة عن كيفية استخدام اليونسكو لمواردها. وأصبحت إجراءات صنع القرار وإصداره أكثر تعقيداً. وترتب على ذلك أن المنظمة لم تحظ دائماً بالتأييد المطلوب لتحقيق أهدافها.
وقد انسحبت أربع دول من اليونسكو منذ تأسيسها. فقد هجرت جنوب إفريقيا المنظمة عام 1956م، عندما اتهمت حكومتها المنظمة بتدخلها في مشاكل التفرقة العنصرية في البلاد، إلا أنها عادت والتحقت بالمنظمة عام 1994م. وانسحبت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1984م، وبريطانيا عام 1985م، لما رأت حكومتا البلدين من وجهة نظرهما ـ تحامل منظمة اليونسكو على الدول الغربية وجهودها في تقييد حرية الصحافة، وكذلك ما اعتبرته كل منهما إدارة مبذرة في المنظمة. إلا أن بريطانيا عادت والتحقت بالمنظمة عام 1997م. وانسحبت سنغافورة من اليونسكو عام 1985 لأن حكومتها شعرت بأنه يتوقع منها المساهمة بقدر أكبر في دعم ميزانية اليونسكو