بقلم وديعة عمراني. باحثة إسلامية ـ كلية العلوم.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد –
ونحن نتابع ما تمخض عنه ملف الوباء الجديد المرعب ( فيروس أنفلونزا الخنازير )، تطالعنا تقارير عدة أوساط علمية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية (l’OMS )، تشرح فيه وتذكر بأنه يجب الاحتفاظ بحالة من الترقب واليقظة من هذا الفيروس الجديد، وعدم الاطمئنان لخطر هذه السلالة الجديدة، خصوصاً مع قدرة هذا الفيروس على التحول والانتشار كما حصل مع وباء الخنزير( الاسباني ) سنة 1918، كما أن تصاعد درجة انتشار هذا الفيروس في العديد من البلدان ( انظر الجداول 1-2 بتاريخه )، لا تترك مجالاً للاطمئنان التام!؟
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="14%" border=0><tr><td width="100%">
</TD></TR>
<tr><td width="100%">
جدول بياني 1: تطور انتشار (فيروس أنفلونزا الخنازير) في اسبانيا
</TD></TR></TABLE>
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="7%" border=0><tr><td width="100%">
</TD></TR>
<tr><td width="100%">
جدول بياني2: تطور انتشار (فيروس أنفلونزا الخنازير) في كل من كندا والولايات المتحدة </TD></TR></TABLE>
ويمكنكم دوماً رصد آخر مستجدات انتشار الفيروس من (جوجل ايرث) cette adresse.
كما وصرحت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية (مارغريت تشان) في لقاء صحفي أجري معها بتاريخ ( 4/5/2009)، أن المنظمة تعد وتهيئ الجميع للاستعداد في آخر المطاف لدرجة 6 من مستوى خطر الفيروس على مقياس سلم ( 6 درجات )، كما شرحت بأن هذا لا يعني أننا نقترب من نهاية العالم، ولكنها إشارة إلى السلطات المحلية في جميع إنحاء العالم للأخذ بكل تدابير الحماية اللازمة، وأن توضع موضع التنفيذ.
كما وقد أعلنت المنظمة أن لا خوف من تناول لحوم الخنازير إذا تم طبخه فوق درجة 70، ولكن في تقرير علمي سابق أعلن (Jorgen Schlundt) مدير إدارة السلامة بمنظمة الصحة العالمية أنه لا يسمح في أي حال من الأحوال الاستهلاك البشري للحوم المريضة (الخنازير)، تفادياً لأي مضاعفات، ولاسيما إذا كان الفيروس جديد، ولم يتوفر بعد للخبراء الوقوف على كل تركيبته الفيروسية ومخاطره، كما وتذكر الآن بعد المواقع العلمية لديهم أنه يستحسن الابتعاد عن تناول لحم هذا الخنزير المشبوه تعرضه لهذه السلالة الجديدة من الفيروس تفادياً لأي مخاطر غير محسوبة، وذلك بعد تصريح من منظمة الصحة العالمية أن ليس من المستحيل مقاومة هذا الفيروس الجديد لعملية التجميد الاعتيادية للحوم المذبوحة وبقائه في لحم ودم الخنزير، ولذلك وجب تفادي تعاطي هذه اللحوم المشبوهة على سبيل الاحتياط ( انظر نص المقال العلمي ).
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="14%" border=0><tr><td width="100%">
</TD></TR>
<tr><td width="100%">
نص المقال العلمي : منظمة الصحة العالمية تصرح( على سبيل الاحتياط ) يجب تفادي تناول لحوم A H1N1 الخنازير المشبوهة وإصابتها بفيروس
</TD></TR></TABLE>
بعد هذا الذي طرحنه من معلومات ومستجدات، فإن نص مقالنا الحالي يأتي كرد على العديد من التساؤلات والاستفسارات، التي توصلنا بها من الإخوة والمهتمين، كرد فعل خير وكبير، على ما طرحه المقال الأول (فيروس أنفلونزا الخنازير)، من معلومات مهمة، وخطر هذا الحيوان ( الخنزير ) في نشر هذا الفيروس، وكونه بيئة ( بيئة محفزة) لظهور أنواع جديدة من الفيروسات الأنفلونزا، وكذا قدرته على عبور حاجز جميع الأنواع.
ولعل السؤال الأهم الذي استحوذ على اهتمام الجميع، قولهم ( لقد ظهر قبل هذا وباء أنفلونزا الطيور، وجنون البقر ..وغيرها) فما الفرق بين هذه الحيوانات ووباء الخنزير حاليا؟ وأين تتشكل خطورة هذا الحيوان ( الخنزير ) الذي حرمه الله علينا لعظيم خطره ورجسه ووبائه؟
والحقيقة فإن هذا السؤال ذا أهمية كبرى، فإضافة على ما يعلمه الجميع من خطر الأوبئة التي يختزنها هذا الحيوان في جسمه ومحيطه (سنأتي على ذكر نماذج منها هنا )، فإن وبشهادة العلماء والخبراء الآن الخنزير يشكل لمربيه في( الحظائر )، وآكله والمتعايشين معه، وفي محيطه، خطراً كبيراً قائماً في كل وقت وحين، وسنأتي على بيان كل هذا من خلال هذه السطور.
ونقترح كبداية أن نعرض نماذج الأمراض الفتاكة لهذا الحيوان ( الخنزير ).
نماذج من بعض الأمراض والفيروسات الخطيرة التي يحتويها جسم الخنزير:
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="14%" align=left border=0><tr><td width="100%"></TD></TR>
<tr><td width="100%">خنزير أصيب بورم schwannomes </TD></TR></TABLE>
1- أورام schwannomes (الورم العصبي الليفي في الخنازير)
في حادثة نادرة (سنة 2003 ) ثم اكتشاف إصابة عدد من الخنازير بمرض جديد، سببه أورام schwannomes، وهي أورام تصيب عدة حيوانات، ويمكن أن يصاب بها الإنسان في ما يعرف بمرض (maladie de Von Recklinghausen)، وهي أورام حميدة لدى الإنسان، ولكن الأمر عند الخنزير يختلف!! حيث عند ظهورها لأول مرة انتشرت بشكل سريع لدى كل باقي القطيع، وتحولت إلى شكل خراجات كبيرة متقيحة ( تعدت مساحاتها 30 سنتمتر )، والأخطر أنها توزعت في جل أنحاء الجسم (الفك والأنف، والقص، والكوع، والكتفين، والفخذ).
حدث هذا سنة 2003، وكان المرض جديد، أثير حوله العديد من التساؤلات العلمية حينها ؟؟ Neurofibromatose chez le porc وصنف تحت باب ( الورم العصبي الليفي في الخنازير )
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="14%" align=left border=0><tr><td width="100%"></TD></TR>
<tr><td width="100%">صورة لخنزير من كندا أصيب بمرض MAP </TD></TR></TABLE>
ومازال هذا المرض -ولحد الآن- تحت دراسات وأبحاث متخصصة للوقوف على جميع مخاطره ومضاعفاته وأسباب تكاثره هكذا في جسم الخنزير؟!
2- فيروس PCV2 المسبب لأعراض مرض MAP :
مرضMAP يطلق عليه علمياً اسم Maladie de l’Amaigrissement du Porcelet، وهو مرض الهزال الخاص يصيب الخنازير الصغيرة بعد الفطام، اكتشف لأول في مزرعة خاصة غرب كندا، حيت لاحظ كل من د. (جون هاردينغ ) ود. (ادوارد كلارك ) زيادة غربية في تخلف النمو لدى هذا القطيع، مع هزال خاص وارتفاع نسبة الوفيات في فترة ما بعد الفطام ،وأعراض لآفات لمفاوية خطيرة ومجهريه.
وفي سنة1997 اكتشف كل من د.(هاردينغ) و(كلارك) بمساعدة د.( جون إليس) أن الآثار اللمفاوية. Circovirus PCV2 السبب فيه فيروس أطلق عليه لقب الفيروس الخنزيري.
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="55%" border=0><tr><td width="50%">
</TD>
<td width="50%">
</TD></TR>
<tr><td width="50%">
طحال خنزير مصابة بمرض MAP
</TD>
<td width="50%">
صورة مجهرية لفيروس PCV2
</TD></TR></TABLE>
وفي دراسات أخرى "مصلية" أجريت، أثبتت أن هذا الفيروس كان متواجد من قبل في اسبانيا (سنة 1969 )، ثم شهد انتشاراً كبيراً في بداية الثمانينات في نفس البلد، لدى حظائر الخنازير المنزلية، وفي التسعينات كان مرض MAP معروفاً ومنتشراً في كل أنحاء العالم بمضاعفاته الخطيرة !!
ولقد وضع الخبراء عدة فرضيات مسببة لهذا المرض، كان أهمها القابلية الجينية المؤهلة للخنزير لهذا الفيروس، والفرضية الثانية في تفاعل الخنزير مع ظروف المزرعة والبيئة المحيطة به.
ولعل أخطر ما في موضوع هو أن هذا الفيروس يمكن أن يفرزه الخنزير من مختلف مناطق جسمه ( في البراز والبول والمني، ومخاط الأنف واللعاب وعلى سطح اللوزتين ..الخ )، بما يشكل خطورة كبيرة على كل المحيطين به، وبالأخص إذا عرفنا وكما قلنا أن الخنزير هو بيئة محفزة لنمو سلالات جديدة أخرى من الجراثيم؟ فكيف سيكون الوضع على من يسهرون على تربية هذه الحيوانات والأدهى على من يتناولونها؟!
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="14%" align=left border=0><tr><td width="100%"></TD></TR>
<tr><td width="100%"> </TD></TR></TABLE>أما مسار الدخول هذا الفيروس إلى جسم الخنزير هو عبر المسار الأنفي والحنجرة، مما يعني أيضا سرعة انتشاره وانتقاله لدى خنازير أخرى ومحيطه.
ولقد صنف العلماء -على أثر هذا - هذا الفيروس من قائمة أصعب الفيروسات التي يمكن أن تصيب الخنزير.
3- إيبولا ريستون لدى الخنازير والبشر في الفلبين:
في 3 شباط/فبراير2009 أعلنت منظمة الصحة العالمية حالات خطرة من انتقال مرض إيبولا virus Ebola ريستون لأشخاص هم عاملان زراعيان في
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="14%" align=left border=0><tr><td width="100%"></TD></TR>
<tr><td width="100%"> </TD></TR></TABLE>مقاطعة بولاكان، وعامل زراعي في مقاطعة بانغاسينان بالفلبين، وتبيّن من الملاحظات والدراسات التي أجريت في مجال فيروس إيبولا ريستون، أنّ الفيروس أظهر قدرة على الانتقال إلى البشر، حيث وعدت منظمة الصحة العالمية حينها، ومع الهيئات الدولية الشريكة، تقديم الدعم اللازم إلى الحكومة الفلبينية فيما تبذله من جهود بغية تحسين فهمها لفيروس إيبولا ريستون وما يخلّفه من آثار على البشر والإجراءات التي يجب اتخاذها للحدّ من أيّة مخاطر صحية قد تلمّ بصحة الإنسان بسببه.