نيقوسيا - لم يحمل موسم 2008-2009 اي ذكرى طيبة لعشاق ومشجعي ريال مدريد. فالفريق الملكي حل ثانيا في الدوري الاسباني وبفارق تسع نقاط عن الصدارة، وخرج خالي الوفاض من دوري الابطال بعد الدرس القاسي الذي تلقاه على ايدي ليفربول الانجليزي، اضافة للاقصاء من الدور الرابع لكاس ملك اسبانيا امام فريق ريال يونيون المغمور من الدرجة الثالثة.
ورغم ان كل ما حدث قد لا يبدو سيئا جدا، الا ان الكارثة الحقيقية تمثلت بحقيقة ان القاب كل البطولات الانفة الذكر عادت للمنافس الازلي والتقليدي، برشلونة. وقد تجسد تفوق الفريق الكاتالوني بسحق نادي العاصمة الاسبانية بستة اهداف لاثنين على ملعب سانتياغو بيرنابو، ليكون ذلك اكبر عدد من الاهداف التي يسجلها برشلونة في الشباك المدريدية في تاريخ مواجهاتهم على ارض الاخير.
وهنا كان لابد من ثورة...
ففي اليوم الذي اعقب الخسارة التاريخية امام برشلونة، اعلن رجل الاعمال ورئيس ريال مدريد السابق فلورنتينو بيريز نيته الترشح لرئاسة النادي مرة اخرى لينقذ الفريق الملكي من التخبط الذي رافقه في زمن رامون كالديرون.
وخلال فترة رئاسته الاولى لنادي ريال مدريد بين عامي 2000 و2006 ، صنع بيريز لنفسه اسما كبيرا وشهرة فائقة من خلال بناء فريق من النجوم العالمين عرف باسم "غالاكتيكوس"، حيث تعاقد انذاك مع ابرز نجوم الكرة في العالم امثال البرازيلي رونالدو، والبرتغالي لويس فيغو، والفرنسي زين الدين زيدان، والانجليزي ديفيد بيكام.
الكثيرون اعتبروا بان حقبة الغالاكتيكوس لم تكن ناجحة، رغم ان الفريق حقق بطولة الدوري الاسباني مرتين خلالها، فضلا عن لقبه القياسي التاسع في بطولة دوري ابطال اوروبا. وقد وجهت اصابع الاتهام دوما الى بيريز الذي اعتمدت سياسته على ضم كبار المهاجمين دون الاهتمام بالمدافعين. وقد كان التخلي عن نجم الارتكاز الفرنسي كلود ماكاليلي القشة التي قصمت ظهر الفريق.
وعلى الرغم من ذلك، فقد كان لسياسة بيريز تلك دورا هاما في التفوق الاقتصادي الكبير للنادي وجعله الاغنى في العالم. فقد انفق ريال مدريد الملايين بكثرة خلال عصر فلورينتينو، الا انه نجح ايضاً بتعويضها وبسرعة عبر الايرادات الضخمة التي اسهم قدوم النجوم فيها. لكن تعثر مستوى ونتائج الفريق الملكي منذ رحيل بيريز، والتفوق الواضح بالاداء والنتائج لصالح برشلونة، جعل المشجعين المدريديين يستقبلوا عودة بيريز بسعادة وتفاؤل كبيرين.
بدا فلورنتينو بيريز عهده الجديد مع ريال بتقديم تاكيدات على انه سيضم اهم اللاعبين في العالم ليعودوا بالنادي الى الواجهة المحلية والاوروبية. لكن الخطوة الاولى له تمثلت بالتعاقد مع مدرب فياريال الموهوب مانويل بيليغريني ليحل محل خواندي راموس.
وقد نظر الجميع لانضمام المدرب التشيلي بتفاؤل كبير، ليس فقط لسجله التدريبي المميز، ولكن لحقيقة انه يملك شخصية ادارية قوية قادرة على السيطرة على الاسماء الكبيرة التي يضمها وسيضمها النادي. وهذا يعد امرا حيويا لان عهد الغالاكتيكوس الماضي شهد سطوة اللاعبين على المدربين الذين تعاقبوا على الفريق.
لم يكتف بيريز بذلك، حيث اطلق ثورة غيرت معالم كرة القدم وسوق الانتقالات عبر القيام بتعاقدات باهظة الثمن، مما فاجا الجميع وادى لارتفاع اسعار اللاعبين بشكل مبالغ فيه، خاصة في ظل الازمة الاقتصادية التي تلف العالم الان.
اولى تلك التعاقدات كانت مع نجم البرازيل وميلان الايطالي كاكا، والذي حزم حقائبه واتى الى مدريد مقابل 64 مليون يورو، محطما بذلك الرقم القياسي السابق الذي كان يحمله زين الدين زيدان، والذي انضم لريال في حقبة بيريز الاولى.
وقبل ان يصحو العالم الكروي من الصدمة، اقدم بيريز بعد ثلاثة ايام على تحطيم الرقم القياسي للانتقالات مجدداً حين نجح بضم كريستيانو رونالدو الحائز على لقب افضل لاعب في العالم من صفوف مانشستر يونايتد مقابل ثمانين مليون جنيه استرليني (94 مليون يورو)، وبشرط جزائي تصل قيمته الى مليار يورو يجب ان يدفعها اي ناد يرغب بالتعاقد معه قبل انتهاء عقده الممتد لست سنوات مع الفريق الملكي.
وقد اعتبر الجميع نجاح بيريز بضم رونالدو خطوة كبيرة تعزز مكانته في قلوب محبي الفريق، نظرا لان ريال كان يسعى منذ زمن بعيد لضم النجم البرتغالي دون ان ينجح، خاصة مع اصرار السير اليكس فيرغسون على الاحتفاظ بنجمه الاول وتاكيده بانه لن يسمح ابدا بانتقال رونالدو الى ريال مدريد.
بيريز لم ينتظر كثيرا قبل ان يضم راوول البيول الذي يعد واحدا من اهم المواهب الدفاعية في اسبانيا، قبل ان يوجه ضربة موجعة جديدة لمانشستر يونايتد بعد ان نجح بالتعاقد مع نجم هجوم ليون كريم بنزيمة، علما بانه كان اكثر لاعب كان يسعى فيرغسون وادارة الشياطين الحمر لضمه.
المؤشرات تؤكد بان رغبة بيريز في ضم المزيد من النجوم لن تتوقف، فقد ارتبط اسمه ايضا بضم كل من فرانك ريبيري من بايرن ميونيخ، ودافيد فيا من فالنسيا، اضافة لثنائي ليفربول الاسباني تشابي الونسو والفارو اربيلوا. وقد يبدو كل هذا مفاجئا نظرا لان الفريق يضم بالفعل اسماء كبيرة مثل سيرجيو راموس، وفرناندو غاغو واريين روبن، وكلاس يان هونتلار، وغونزالو هيغوين، وغيرهم الكثير.
وقد عبر عدد من كبار الشخصيات في عالم كرة القدم عن سخطهم على السياسة المفرطة التي يتبعها ريال مدريد في تعاقداته، لكن ورغم كل ذلك، فانه من المؤكد بان سخونة الصيف لم تنته بعد بالنسبة لمحبي الفريق الملكي، وان كان الجميع يعلم بان الهدف الاهم وراء كل ذلك هو اطاحة المنافس الازلي برشلونة عن عرشه كالفريق الافضل في العالم.