SAWA
الجنس : مساهماتى : 1645 العمر : 37 النقاط : 1256 معدل التقييم : 8 sms : >> لا اله الا الله محمداً رسول الله <<
| موضوع: الإيمان بالله واليوم الآخر ، لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي السبت 6 مارس - 22:05:01 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين أيها الإخوة الكرام ، في سورة المؤمنون آية ، هي قوله تعالى : ( سورة المؤمنون ) . أي منحرفون ، قضية أن يعصي المسلم ، متى يعصي ربه ؟ الحقيقة أنك حينما تؤمن بالله واليوم الآخر معاً ، من خلال هذه الآية يتضح أن الذي يؤمن بالله ، لكن لا يؤمن أن الله سيحاسبه حساباً دقيقاً . ( سورة الصافات ) . لا يؤمن أن أية معصية يرتكبها بالدنيا متعلقة بحقوق العباد سوف يحاسب عنها يوم القيامة ، هذا لا يستقيم على أمر الله ، البشر تواضعوا على أن الضمير ، الضمير المسلكي ، التربية البيتية ، الإحساس الإنساني ، في النهاية الإنسان يقترف كل الموبقات ويأكل أموالاً ليست له ، ويعتدي على أعراض لا تحل له ، كيف نوفق بين إيمانه وهذه المعاصي ؟ الحقيقة التي لا ريب فيها أنه ما من ركنين من أركان الإيمان تلازما في القرآن كركني الإيمان بالله واليوم الآخر ، يعني كلمات ثلاث : أنت حينما تؤمن أن الله يعلم ، وسيحاسب ، وسيعاقب لا يمكن أن تعصيه ، هذه قاعدة ، والذي أراه أن الرادع الوحيد للإنسان من أن يعتدي على حقوق الآخرين هو إيمانه باليوم الآخر . يروى أن رجلا اضطر إلى ثلاثمئة ألف ليرة كقرض ، سأل أناساً كثيرين ، إلى أن عرض عليه أحدهم أن يرهن له شيئًا ، فهذا عنده مزرعة ثمينة جداً شيئًا رهنها له على هذا المبلغ ، بعد سنوات أدَّى هذا الرجل هذا المبلغ وقال له : ردَّ لي المزرعة ، قال له : كل واحد حقه معه ، المزرعة بالملايين ، فصاحب هذه المزرعة من شدة ألمه أصابته أزمة قلبية ، وتوفي بها ، الذي اغتصب المزرعة له قصة ، هذا الذي أصابته أزمة قلبية قبل أن يموت أوصى ابنه أن تسير الجنازة أمام محل هذا المغتصب ، وأن تقف الجنازة أمام المحل ، وأن يخرج ابنه من بين صفوف المشيعين ، ويدخل إلى محل هذا الإنسان المغتصب ، ويعطيه رسالة كتبها أبوه قبل أن يموت ، ماذا كتب في الرسالة ؟ أنا ذاهب إلى دار الحق ، إن كنت بطلاً فلا تلحق بي ، وسأقاضيك هناك ، يروى أن هذا الإنسان المغتصب بلغت منه هذه الرسالة مبلغاً أنه أعاد المزرعة إلى الورثة . إخواننا الكرام ، الشيء الواقعي والعملي أنك حينما تخاف من محاسبة الله يوم القيامة تستقيم على أمره ، والناس اخترعوا قيما لا تقدم ولا تؤخر ، ولا تسمن ولا تغني من جوع ، أنت الآن مع بني البشر ، مع إنسان قوي ، علمه يطولك ، وقدرته تطولك ، لا يمكن أن تعصيه ، إذا ضبطك بمخالفة ، وأنزل بك أشد العقاب ترتدع ، فكيف مع الواحد الديان ؟ لذلك أن مضطر أن أقول : إن هناك إيماناً باليوم الآخر إن كان صحيحاً لا بد من أن يردعك عن أن تأكل درهماً من حرام . رأي النبي e تمرة على السرير قال : (( يا عائشة لولا أني أخشى أن تكون هذه التمرة من تمر الصدقة لأكلتها )) . ترى المسلمين الآن يغتصبون الأراضي ، يغتصبون البيوت ، يغتصبون الشركات ، يقترضون ولا يؤدون ، يقول له : هذه المحاكم ، والله الذي لا إله إلا هو لو أن هذا المسلم آمن الإيمان الذي أراده الله باليوم الآخر لا يستطيع أن يغتصب قرشاً واحداً ، أنا موقن أن هذا الذي يأكل أموال الناس بالباطل ، أو يعتدي على أعراضهم ، أو هذا الذي يظلم إنساناً ضعيفاً ليس له أحد لو أنه آمن واحدا بالمئة باليوم الآخر لما فعل هذا . إذاً هناك حالة جديدة اسمها التكذيب العملي باليوم الآخر ، التكذيب القولي مستحيل ، لا تجد في العالم الإسلامي من يجرؤ على أن يقول : ليس هناك آخرة ، التكذيب القولي غير موجود ، لكن التكذيب العملي يعني أن سلوك هذا الإنسان لا يتناسب مع ما يدعيه أنه مؤمن باليوم الآخر . : طالب يقول لك : سوف أنال الدرجة الأولى ، ولا يدرس إطلاقاً مع رفاقه ومع أحبابه ، في نزهات ، وسهرات ، وطعام وشراب ، ونوم حتى الساعة الحادية عشرة ، ثم الذهاب إلى نزهة ، هذا السلوك لا يتناسب مع ما يدعيه هذا الطالب . فلذلك إخواننا الكرام ، هنا ليس ثمة مجاملة ، ما دام اليوم الآخر غير داخل في حساباتك اليومية فلن تستقيم على أمر الله ، وهذه الآية : ] وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [ . إذاً التفسير الأول لمن يعصي الله : إيمانه باليوم الآخر إيمان غير صحيح ، والمثل الذي أضربه كثيراً ، ذكرته مئات المرات : أنت مواطن ، وراكب مركبة ، والإشارة حمراء ، ويقف الشرطي ، وإلى جانبه شرطي على دراجة نارية ، وإلى جانبهما سيارة فيها ضابط شرطة ، وأنت مواطن من الدرجة الخامسة ، هل يمكن أن تتخطى الإشارة الحمراء ؟ مستحيل ، لكن تتخطاها في الساعة الثالثة ليلاً ، لأن علم واضع القانون لا يطولك ، لأنه ليس هناك شرطي ، أو إن كنت أقوى من واضع القانون ، لا تعبأ به ، أما إذا كنت مواطن عادي ، والإشارة حمراء ، والشرطي واقف ، مستحيل أن تتخطاها . هذا التعامل العادي مع إنسان ، فكيف مع الواحد الديان ! تؤمن أن الله معك ؟ ويراقب وهو بالمرصاد ؟ .( سورة النساء ) . وأن هذا عبد لله ، وأن هناك يوما يحاسب فيه الإنسان على ما قدمت يداه ، قال e : ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط)) .[ أخرجه أحمد في مسنده عن عائشة ] . ( سورة الحجر ) . ( سورة الزلزلة ) . يجد إنسان أحياناً نملة في المغسلة ، يفتح الصنبور فتغرق هذه النملة ، هو محاسب عليها ، إنه كائن يسبح الله ، أحياناً ينتظر إلى أن تبتعد عن مصب الماء ، يحاسب على هذه مكافأة ، يجب أن تؤمن ، هذا كلام خالق الأكوان ، ] فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [ . أحياناً في أيام الشتاء تدخل الشمس إلى الغرف ، فإذا كنست الغرفة ترى في أشعة الشمس ذرات غبار عالقة في الهواء ، هذا أصغر شيء يمكن أن تراه عينك ، ] فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [ . سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعظه ، وأن يوجز ، فتلا عليه هذه الآية قال كفيت ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( فقه الرجل )) . أنت حينما تراقب الله عز وجل في كل حركاتك وسكناتك ، وحينما تستحي من الله أن تكذب كذبة ، أو أن تأكل لقمة من حرام عندئذٍ نقول : إنك مؤمن باليوم الآخر . إخواننا الكرام ، الإيمان باليوم الآخر مهزوز عند الناس ، إيمان ضبابي ، إيمان غير واضح ، أنت ممكن كتاجر ومستورد ألا تكتب بالحسابات ، صفقة استوردتها و لها وثائق في المالية لا تستطيع التهرب ، لو كشفوا أنك أغفلت صفقة استوردتها أهدرت حساباتك ، وكلفت بضريبة عالية جداً ، لاحظ نفسك مع البشر ، مع من يطولك علمه ، ومع من تطولك قدرته فقط ، ألا تستحي من الله ؟ أنت مع إنسان منضبط تخاف ، كلنا جميعاً ، إذا كان الإنسان قوياً ، ويطولك علمه ، وتطولك قدرته لا يمكن أن تعصيه ، ألا ترى أن الله معك دائماً ؟( سورة الحديد ) . ألا ترى أنك في قبضته دائماً . هذه الآية تكفي أيها الإخوة ، ] وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [ ، فأنت حينما ترى إنسانا يعصي الله ، ولا يعبأ اعلم علم اليقين أنه ليس مؤمناً باليوم الآخر ، ولو ادعى أنه مؤمن ، الذي لا يؤمن يعصي ، والذي يعصي ليس مؤمناً ، وحينما لا تؤمن بأحد أكبر أركان الإيمان أنت لست مؤمناً ، أما الناس جميعاً على وجه الأرض فيؤمنون بالله كخالق ، لكن الذي يؤمن باليوم الآخر يستقيم على أمره ، فلذلك الله عز وجل قال :( سورة البقرة الآية : 62 ) . آمن بالله من هؤلاء الإيمان الذي يحمله على طاعته .( سورة البقرة الآية : 62 ) . الذي يرعه من أن يؤذي مخلوقاً .( سورة البقرة الآية : 62 ) . هذا هو الدين ، فأنا أتمنى أن أركان الإيمان لا تقبلها بشكل ضبابي ، طبعاً الجنة حق ، والنار حق ، لكن أعمال الإنسان لا تتناسب أبداً مع إيمانه بالجنة والنار . ( سورة البقرة ) . إذاً أيها الإخوة ، الإنسان بحاجة إلى مراجعة معتقداته ، هذا الذي يأكل المال الحرام قولاً واحداً ليس مؤمناً باليوم الآخر ، اذهب إلى بيروت ، أضرب هذا المثل : في الذهاب وجدت على الحدود تفتيشا دقيقا للعائدين إلى بلدهم ، على مستوى أن كل حاجة يحاسبون عليها ، الآن أنت في بيروت ، أعجبتك سلعة ، أول خاطر يأتيك هذه لا أستطيع إدخالها ، كلما أعجبك شيء تقول : هذا لا أستطيع إدخاله ، لما رأيت بعينك كيف يحاسب الإنسان على مقتيناته وبضاعته حاجة حاجة ، ويدفع أمثالها ثلاثة أضعاف ، لأنه تجاوز القانون ، أنت هناك لا تستطيع أن تأخذ شيئاً ، لست واثقاً من إدخاله . إذاً قضية الإيمان بالآخرة تأتي في الدرجة الثانية بعد الإيمان بالله ، وما لم يكن إيمانك بالآخرة في مستوى إيمانك بالله لا يمكن أن تستطيع الله ، أما ما يقال : فلان ضمير حي على المئة ألف ، على المليون لم يعد ضميره حيا ، يفكر بها ، ويقول لك : يا أخي بلوى عامة : أين بقيت الآخرة ؟ فلذلك إخواننا الكرام ، السلف الصالح ورعهم كان شديدا ، النبي e يقول: (( يا عائشة لولا أني أخشى أن تكون هذه التمرة من تمر الصدقة لأكلتها )) ، هكذا حاسب نفسه ، ولو أنّ كل واحد منا آمن باليوم الآخر الإيمان الحقيقي لردعه الإيمان عن أن يأكل درهماً حراماً . إذا كان عندك دواء انتهى مفعوله ، وجاء طفل طلبه ، وثمنه 800 ليرة ، غيَّرتَ التاريخ وبعته إياه ، أنت بهذه الطريقة مؤمن باليوم الآخر ؟ مستحيل ، ما مِن حرفة تنجو من الخطأ . أقسم لي بالله طبيب ، أنا أثق بورعه ، قال لي : والله أستطيع أن أجعل المريض يبيع بيته ، وهو راضٍ عن ذلك ، بالإيهام طبعاً ، أنت حينما تتقي الله ، وتعلم أن الله يعلم ما تفعل ، ممكن أن يستقيم الطبيب ، وممكن ألا يستقيم ، الصيدلي كذلك ، والمحامي كذلك ، إذا أوهمت الموكل أن الدعوى ناجحة ، ومعك ثماني سنوات ، ممكن أن تأخذ منه مئات الألوف ، بعد هذا تتهم القاضي بالرشوة وترتاح ، أنت مؤمن باليوم الآخر ؟ لا والله ، والله ما مِن إنسان يغش إلا وهو عملياً ليس مؤمناً باليوم الآخر ، ((من غشنا فليس مني )) . [ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ] . حياتنا مفعمة بالكذب والتدليس ، والغش واغتصاب الأموال ، والعدوان ، لذلك الله عز وجل تخلى عنا ، هذا شيء واضح جداً . هذه الآية أيها الإخوة تعني أنه ما لم نؤمن باليوم الآخر إيماناً حقيقياً يقينياً لا نستقيم على أمر الله ، وإن لم نستقم على أمر الله فلسنا على شيء ، أقل كلمة في اللغة لأقل شيء هي شيء .( سورة المائدة الآية : 68 ) . ويا أيها المسلمون ، لستم على شيء حتى تقيموا القرآن ، إن لم تُقِمْ هذا الكتاب لا تعبأ بإيمانك إطلاقاً ، هذه الحقيقة المرة ، وأنا أرى أنها أفضل مرة من الوهم المريح ، ] وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [ . الحمد لله رب العالمين | |
|