يوم
الفزع
يوم يقوم الناس من قبورهم
لأرض المحشر و:انهم لم يلببثوا إلا ساعة من النهار ،و يقولون : لبثنا يوماً
أو بعض يوم ، ويقبض الله( تعالى) الأرض ويطوى السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ،
أين الملوك الأبطن ؟ ويجئ ربك لفصل القضاء بين خلقه وتأتى الملائكة بين يديه
صفوفاً صفوفاً ، ويؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك
يجرونها ويناداى الله ( سبحانه وتعالى ) والناس بارزون فى أرض المحشر : لمن الملك
اليوم ؟ ويسكت الخلائق هيبة لله ( تعالى ) وفزعاً فيجيب ( تعالى ) نفسه : لله
الواحد القهار .
ويحشر الله الحيوانات فيقتص للجماء من القرناء ثم يصيرهم
تراباً ، فيقول الكافر { يا ليتنى كنت ترابً } .
ويقال للكفار والعصاة الذين تركوا الطاعة وتنعموا بلذات الدنيا
:{ أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعم بها ، فاليووم تجزون عذاب الهون بما
كنتم تستكبرون فى الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون } ، وينكر العصاة ما كتب عليهم
من أعمالهم فيختم الله على أفواههم ويقال لجوارحهم : انطقى ، فتشهد عليهم ألسنتهم
وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، فيقول الواحد منهم لجوارحه : بعداً لكنّ
وسحقاً فعنكن كنت أناضل ، { قالوا لجلودهم
لم شهتدم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء وهو خلقكم أول مرة وإليه
ترجعون } .
وتأتى الأرض تحدث بكل ما فعل على أرضها من كل إنسان { يومئذ
تحدث أخبارها } يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، نعم تبيض وجوه المؤمنين وتسود وجوه
الكافرين ، يسجد لله كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة فيذهب
ليسجد فلا يستطيع ويعود ظهره طبقاً واحداً .
وهذا النبى محمد e
ويجلس قريباً منه أحسن الناس أخلاقاً من أمته ، نعم . لقد قال : "إن أقربكم
منى مجلساً يوم القيامة أحسانكم أخلاقاً ، وينادى ( ربنا عز وجل) : اين المتحابون
فى جلالى ؟ اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى " .
انظر إلى هؤلاء الذين يظلهم الله فى ظله إنهم كل إمام عادل وكل
شاب نشأ فى عبادة الله ، وكل رجل قبله - فى الدنيا - معلق بالمساجد ، وكل رجلين
تحابا فى الله اجتمعا عليه لا لشء إلا للحب فى الله ، وكل رجل تصدق بصدقة فأخفاها
حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، وكل
رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ، وكل رجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إنى
أخاف الله .
وهذا عبد يدنيه الله حتى يضع كنفه عليه فيقول : فعلت كذا وكذا
، ويعدد عليه ذنوبه ثم يقول له : سترتها عليك فى الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم .
وتتناثر الصحف ويعطى المؤمن كتابه بيمينه فيقول { هاؤم اقرءوا
كتابيه ، إنى ظننت إنى ملاق حسابيه } ويعطى غير المؤمن كتابه بشماله ويتمنى الموت
ولم لا وقد خذله ماله وسلطانه ، إنه يقول :{ ياليتها كانت القاضية ما أغنى ماليه
هلك عن سلطانيه } فيأمر الله ملائكته أن تأخه - مغلولاً - إى جهنم ويقول : خذوه
فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه } فيبتدره مائة ألف
ملك فيجمعون يده إلى عنفه ويدخلون فيه سلسلة حديدية طولها سبعون ذراعاً تدخل من
دبره وتخرج من حلقه ثم يجمع بين ناصيته وقدميه ،ويلف بحلق السلسلة حتى لا يستطيع
حراكاً
وهذان أب وأم لرجل مسلم حفظ القرآن الكريم : انظر لهما ، إنهما
يلبسان تاجاً كأنهما ملكان بسبب حفظ ولدهما لكتاب الله .
أما هذا الرجل فيأمر به الله ويقول:” لملائكته ادخلوا عبدى
الجنة برحمتى فيقول الرجل : بل بعملى يارب ، فيكررها ربنا ( عز وجل ) : ادخلوا عبد
الجنة برحمتى ، فيقول : بل بعملى يارب ،فيأمر رب العزة بوضع أعماله فى كفة ونعمة
البصر فى كفة فتطيش كل أعماله أما نعمة واحدة من نعم الله فلا تنفع أعماله فيامر
به الله ملائكته " ادخلوا عبدى النار بعمله ، " فيقول : بل برحمتك يارب
، فيدخل الجنة برحمة الله . نعم لو كان فاقداً لنعمة البصر ولم يكن ليستطيع أن
يعبد الله كما عبده بل كان من الممكن أن لا يبصر وييأس رحمة الله ، وبل يكفر بالله
.
ويحاسب ربنا أحد عباده فلا يوجد عنده حسنة تنفعه ويسلم لقجر
الله ولكن ربنا الرحيم العادل يقول : لا إن لك عندنا حسنة ، أتدرون ما هى ؟ إن هذا
الرجل قد قال " لا إله إلا الله " ذات يوم ،وبالفعل يصعها ربنا فى كفة
الميزان وباقى أعماله فى كفة فتطيش كل أعماله أمام كلمة “ لا إله إلا الله"
فيدخل الرجل الجنة بعدل الله .
وينادى مناد : سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، أين الذين كانت {
تتجافى جنوبهم عن ا لمضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون } ؟
فيقومون فيتخطون رقاب الناس . ثم ينادى مناد : سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، أين
الذين كانت { لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } فيقومون فيتحطون رقاب الناس ،
ثم ينادى مناد : سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، أين الذين الحمادون لله على كل حال
؟ فيقومون وهم كثير .
ويقترب من رسل الله e
بعض المسلمين من أمته ليسقيهم على الحوض
فتأخذهم الملائكة بسرعة فيقول : أمتى أمتى ، فيقولون إنك لا تدرى ماذا أحدثوا من
بعدك ، فيقول لهم سحقاً سحقاً .
ومن مات له أولاد صغار يؤتى بهم ليثقلون ميزانه .
وتسعر جهنم ولكن بمن يا ترى ؟ بعالم ..ومجاهد ..ومتصدق يا الله
؟ لماذا ؟ العالم يقول: تعلمت العلم وعلمته فيك ، فيقول الله له: لا بل ليقال عالم
فقد قيل ثم يؤمر به إلى جهنم ، والمجاهد يقول : جاهدت فيك حتى قتلت ، فيقول الله
له : لا بل فعلت ذلك ليقال عنك شجاع وقد قيل ويؤمر به إلى جهنم ، وأما المتصدق
فيقول : تصدقت وأنفقت فيك فيقول الله له : لا بل ليقال جواد وقد قيل ، ثم يؤمر إلى
جهنم .
وهذا الذى أعرض عن ذكر الله فى الدنيا يحشره الله أعمى قال : {
رب لما حشرتنى أعمى وقد كنت بصيراً قال :كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم
تنسى } ويلقى إبراهيم آزر وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك
لا تعصنى فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدتنى أن لا
تخزنى يوم يبعثون فأى خزى أخزى من أبى الأبعد ؟ فيقول الله ( تعالى ) : إنى حرمت
الجنة على الكافرين . ثم يقول : يا إبراهيم انظر تحت رجلك فإذا هو بذكر من الضباع
متلطف فيؤخذ بقوائمه فيلقى فى النار ويؤتى بالموت كأنه كبش أملح ويوقف بين الجنة
والنار ويؤمر به فيذح ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود
فلا موت .
ومن ضلوا فى الدنيا ولم يهتدوا يحشروا يوم القيامة على وجوههم
عمياً وبكماً وصماً وتجرهم زبانية جهنم من أرجلهم على وجوههم إلى النار فترد إليهم
أسماعهم وأبصارهم ونطقهم فيرون النار ويسمعون زفيرها وينطقون بالحسرات .
وقم من عباد الله المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم
الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله إنهم قوم تحابوا فى الله على غير
أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن لوجوههم لنور وإنهم لعلى منابر من نور
لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس { ألا إن أولياء الله لا خوف
عليهم و لاهم يحزنون } .
وكما توزن الأعمال يوزن أصحابها ويؤتى بالرجل السمين فلا يزن
عند الله جناح بعوضة .
ويقول ربنا فى الحديث القدسى:" من جاء بالحسنة فله عشر
أمثالها أو أزيد ، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو اغفر " .
يجاء بالكافر يوم القيامة فيقول له : أرأيت لو كان لك ملء
الأرض ذهباً أكنت تفتدى به ؟ فيقول : نعم .فيقال له : قد كنت سئلت أيسر من ذلك ألا تشرك بى فأبيت فيؤمر به إلى
النار .
ويأتى من أعان على قتل مسلم - ولو بنصف كلمة - مكتوب بين عينيه
" آيس من رحمة الله "
ويؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به فى الدنيا تقدمه
سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان تحاجان عن صاحبهما.
ويوقف كل واحد بين يدى الله ( عز وجل ) ليس بينهما حجاب ولا
ترجمان ثم ليقولن له ألم أوتيك مالاً فيقول : بلى ثم يقول ؟: ألم أرسل إليك رسولاً
؟ فيقزل : بلى : فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ، ثم ينظر عن شماله فلا يرى
النار ، وتجىء الصدقة ستراً على صاحبها كالظل الظليل وهو يتقى النار بوجهه .
ويسرع الزبانية إلى فسقة القراء قبل عبدة الأوثان فيقولون
يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان فيقولون ليس من
علم كمن لا يعلم .
ولا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن
شبابه فيما أبلاه وعن مال من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟
ويؤتى لكل مؤمن بيهودى أو نصرانى ويقال له هذا فكاكك من النار
ويؤتى بالمفلس الذى يأتى بصلاة وصيام وزكاة ويأتى وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال
هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل
أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار.
ويخلص المؤمنون من
النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة و النار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كنت بينهم
فى الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا إذن لهم فى دخول الجنة .
ويؤتى بالجسر فيجعل بين ظهرى جهنم وعليه خطاطيف وكلاليب يمر
المؤمنون كالطرف وكالبرق الخاطف وكالريح وكالخيل فناج مسلم وناج مخدوش حتى يمر
آخرهم يسحب سحباً .
وبين الجنة والنار يقف أصحاب الأعراف الذين تساوت حسناتهم مع
سيئاتهم فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أهل النار قالوا : ربنا لا تجعلنا مع القوم
الظالمين ثم يدخلون الجنة برحمة الله .
وؤتى برجل فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، فارفعوا عنه كبارها
فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال له : فإن لك مكاناً كل سيئة حسنة فيقول : يارب قد
عملت أشياء لا أراها ههنا ، فضحك رسول الله e
وهو يحكى هذا الموقف حتى بدت نواجذه .
إن الكفار إذا سمعوا زفير جهنم أدبروا هاربين فلا يأتون قطراً
من الأقطار إلا وجدوا الملائكة يتلقونهم فيرجعون إلى مكانهم فتتلقفهم جهنم .
ويسجد رسول الله e
تحت العرش ويثنى على الله بما هو أهله وبما يلهمه به على الله فيقول :
الرسول:" يارب أمتى ، يارب أمتى ، يارب أمتى " فيقول الله ( تعالى ) له
:ادخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس
فيما سواه من الأبواب .
ويشفع الرسول لأصحاب الأعراف الذين تساوت حسناتهم مع سيئاتهم ،
ويشفع لأهل النار من المسلمين لئلا يدخلونها ويشفع لمن دخلها كى يخرج منها ويشفع
لمن يدخلون الجنة بغير حساب ويشفع لمن فى الجنة ليزيد رجائهم وحسناتهم ويشفع لتخفيف العذاب عن أهل النار كأبى طالب
عمه . ويشفع الشهيد فى سبعين من أهله.
وفى الجنة يقول الله ( تعالى ) لأهل الجنة :يا أهل الجنة ،
فيقولون لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى وقد
أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ! فيقو : أفضل من ذلك ، فيقولون : وأى شىء أفضل
من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبداً .
ويقل الله ( تعالى ) لأهل الجنة :تريدون شيئاً أزيدكم ؟
فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فما
يعطون شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم .
وفى النار يقول أهلها :{ ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا
ظالمون } ، فيضع رب العزة قدمه فيها ويقول :{ اخسئوا فيها ولا تكلمون } ، ويقف
إبليس فيهم خطيباً ويقول : { إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى
عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومنى ولوموا أنفسكم ما أنا بصرخكم
وما أنت م بمصرخى إنى كرفت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم } .